الصحراء ترصد واقع التعليم في موريتانيا (تقرير)

أربعاء, 23/10/2019 - 13:33

الثالث من العام الدراسي الجديد 2019 - 2020 على وقع اكتظاظ غير مسبوق للمدارس العمومية في أنحاء مختلفة من العاصمة وفي أغلب المدن الرئيسية في الداخل، حيث لوحظ إقبال متزايد على التعليم العمومي في ظل حديث عن نية الحكومة الانتقال إلى "المدرسة الجمهورية" التي وعد بها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

وتوصلت "الصحراء" إلى معطيات من مسؤولين في قطاع التهذيب الوطني تشير إلى زيادات في أعداد المسجلين في المدارس الحكومية؛ وصلت في بعضها حدود 100 في المائة مقارنة بالمسجلين في العام الدراسي الماضي 2018 - 2019.

ومع العام الدراسي الجديد ظلت "المعضلات" المزمنة في القطاع التربوي تراوح مكانها، كأزمة اقتناء الكتب المدرسية، وانعدام أماكن الترفيه داخل المؤسسات التعليمية العمومية.

 

نواقص من داخل الفصول

أفادت بعض الطواقم المشرفة على العملية التربوية في تصريحات صحفية بملاحظة نقص كبير في كمية الطاولات المتوفرة، كما يلاحظ أيضا نقص في عدد الحجرات التي تضرر بعضها نتيجة لآثار الأمطار الأخيرة، هذا فضلا عن انهيار السور المحيط بالعديد من المدارس، هي حالة تكاد تشمل جميع المدارس العمومية.

ويتحدث آباء التلاميذ عن نقص في المدرسين، حيث تعرف ثانوية تفرغ زينه نقصا كبيرا في أساتذة الرياضيات والفيزياء لبعض الشعب العملية، وتعرف هذه الثانوية أيضا نقصا في أساتذة العربية والرياضيات للسنة الأولى إعدادية، كما يسجل تذبذب في حضور بعض الأساتذة وفق معلومات حصلت عليها "الصحراء".

 

مدارس بلا ترفيه

يطرح أعضاء الأسرة التربوية إشكالية غياب أماكن الترفيه في المدرسة العمومية، وتجددت المطالبة بوجود أشجار نظيفة مثمرة ومناظر جميلة وأماكن ترفيه ومسابح تشجع التلاميذ على الدراسة، ويساند آباء التلاميذ مثل هذه المطالب التي ما زالت غائبة بشكل شبه كامل عن أغلب المؤسسات التعليمية في العاصمة وفي الداخل.

ويلاحظ الأهالي غياب أماكن لعب الأطفال، كما يختفي العلم الوطني من ساحات العديد من المدارس العمومية في مختلف مناطق البلاد، إذ لا تكاد تتوفر المدرسة على مرفق خارج الفصول الدراسية والمكاتب الإدارية، ويطالب بعض من تحدثوا إلى "الصحراء" في هذا الصدد بتوفير مكتبات وأماكن للاستجمام والترفيه وفرض الرياضة في جميع المدارس العمومية.

 

الزي المدرسي .. يذكر ولا يرى

يمثل الزي الموحد مطلبا قديما بدأ يدخل اهتمام الإدارة المدرسية، حيث سلم للتلاميذ  في بعض المدارس في وسط العاصمة، بينما ما زالت المدارس الواقعة في الأحياء النائية محرومة من توفر هذا الزي، الذي يستخدم في حملات معينة ويكاد يكون غائبا في أغلب الأوقات.

ويلاحظ المراقبون أن أزمة العجز عن توفير الزي المدرسي ترجع بالأساس إلى غياب مصانع لضخ الكمية الكافية من هذا الزي في المؤسسات التعليمية على عموم التراب الوطني، حيث تمثل ملابس الأطفال والتلاميذ في المدارس العمومية نماذج من اختلاف الهويات الاجتماعية نظرا لوجود عدة إثنيات في البلد لكل منها تقاليدها في الملابس، كما تؤكد مظاهر التلاميذ في المدارس تباين المستويات المادية للأسر وعجز بعض الأسر عن توفير لباس لائق لأبنائها.

 

الكتاب المدرسي بين المضاربات والسعر الرمزي

يلاحظ الأهالي نقصا مزمنا في الكتب المدرسية، فلا توجد في خزائن الأشكاك الكميات الكافية منها في ظل محاولات الأسر شراء الكتب من الأسواق لسد حاجة الأبناء وتمكينهم من مواكبة الدروس التي بدأ تقديمها داخل الفصول منذ انطلاق عملية الافتتاح قبل أسبوعين.

ووفق المصادر الرسمية فقد تمت هذا العام طباعة 800 ألف كتاب مدرسي هي الطاقة القصوى للمطبعة التابعة للمعهد التربوي الوطني، ووفق مصادر الوزارة دائما وزعت كميات من الكتب قبيل الافتتاح الدراسي على 120 كشكا منتشرة في عموم التراب الوطني لبيعها بسعر رمزي يلغ حوالي 200 أوقية قديمة لكتاب التعليم الأساسي، و300 للكتاب الإعدادي، وعند التحقق من تفاصيل عملية البيع هذه تظهر عقبات أخرى تتعلق بإلزام الموزعين ببيع الكتب لحامل وثيقة مستخرج من سجل عقد الازدياد موقع من مدير المدرسة في صيغة تمثل بابا لتجاوزات إضافية، إذ لا يميز أصحاب الأشكاك بين الراغبين في الشراء من السماسرة الطامحين إلى احتكار كتب لضخها في الأسواق والتلاميذ الذين يحتاجون إلى هذه الكتب بشكل فعلي.

وعادة ما تشهد فترة الافتتاح المدرسي مضاربة في أسعار الكتب، إذ يقتنص التجار الفرصة ويوفروا كميات منها خصوصا الأنواع النادرة، وتعرف أسعارها تفاوتا حسب طبيعة الكتاب ومضمونه، وتتصدر الكتب العلمية وكتب اللغة الفرنسية قائمة الأسعار لتتلوها بقية الكتب بفوارق معتبرة لا تقل عن عدة أضعاف لأسعار الكتب المعتمدة رسميا.

وسجل مرتادو أسواق الكتب المدرسية ظاهرة تصوير بعض الكتب النادرة التي توجد منها كميات مستهكلة تعاد كل عام إلى السوق لبيعها مجددا، وتبلغ هذه الندرة ذروتها مع بعض الكتب المفقودة إذ يضطر لتصوير نسخها في الوراقات ضمن مظاهر توثق جانبا من العجز الحاصل في تجديد الكتب وطباعتها بشكل دوري وثابت.

 

معطيات رسمية

أفادت الإدارة الجهوية للتهذيب في ولاية نواكشوط الغربية بتسجيلها حضور نسبة 78 في المائة من التلاميذ في المدارس، مؤكدة في تصريح صحفي وجود الطواقم التربوية في أماكن عملها مع إلزام المعلمين بالتحضير وتزويدهم بالوثائق الضرورية لمتابعة العمل، واعترفت الإدارة بوجود نقص في معلمي اللغة الفرنسية في بعض الفصول دون تحديدها.

وبشكل عام  توضح الأرقام الرسمية التي نشرتها وزارة التهذيب حول التعليم الأساسي احتضان كل فصل دراسي لمعدل 62 تلميذا، بينما ازداد المعدل العام لمنتسبي كل فصل دراسي في مرحلة التعليم الثانوي لتتجاوز 68 تلميذا، وتمثل هذه المعدلات نتيجة قسمة العدد الكلي للتلاميذ على عدد الحجرات الدراسية في عموم مناطق البلاد.

ورغم كل ذلك، ستمثل نسبة النجاح في الامتحانات الوطنية نهاية العام الدراسي الاختبار الأهم للجهود الحكومية المبذولة هذا العام لدعم التعليم، خاصة أن البلاد خارجة لتوها من صدمة عام دراسي سابق 2018 - 2019، أسفرت نتائج الباكلوريا فيه عن نسبة نجاح هي الأضعف في العالم العربي وغرب أفريقيا، فقد تقدم للامتحان 44717 تلميذا، لكن 3245 فقط هم من تمكنوا من تجاوز عتبة النجاح في الدورة الأولة، أي ما نسبته 7,2%.